الموضوع حول - المفاهيم والحقوق ..
من اجل تسليط الضوء على كلام الجانبين .. لابد ان نعرف اولاً ان المفاهيم هي
ما نقرأه من نصوص وروايات بخصوص المرأة .. فتلك القراءات تمثل المفاهيم والتصورات
الفكرية والثقافية لدى الذهنية المسلمة وهذه الذهنية ونتيجة ما تحمل من تصور
وانطباع عن المرأة سيكون لها دور كبير في صياغة - تشريعات - حقوقية من خلال
الاحكام الفقهية ..
ثم نتحرك على مستوى الاحكام الفقهية وفتاوى العلماء في الفقه بخصوص عالم المرأة
من اجل ان نخرج بنتيجة .. هل تستطيع هذه المفاهيم والتشريعات الوقوف امام تحديات
الواقع لما يحمل من تطورات في حقوق المرأة على الصعيد العالمي ..
يتمثل القسم الاول بالمفاهيم والتي هي عبارة عن " الروايات " النصوص " الاحاديث "
مثل : خلق المرأة من فاضل طينة الرجل : المرأة كلها شر : النساء ناقصات العقول والايمان :
سجود الزوجة لزوجها : شاوروهن وخالفوهن : حور العين في الجنة هو للرجال وليس للنساء :
كراهة تحصيل العلم للنساء ...
اما القسم الثاني اي - الحقوق - الذي جُله جاء نتيجة ما هو متوارث وعالق في الذهنية
من تصورات ومفاهيم حول المرأة وعليه بُنيت تلك الاحكام الفقهية والحقوقية .. مثل ..
: حق المرأة في تولي المناصب السياسية والاجتماعية : حق القوامة : الديّة : الميراث :
الزواج والطلاق : الخروج من البيت : .... وقد يكون هناك غيرها نذكره في حينه ..
الكلام عن القسم الاول سبق وتكلما فيه بعض الشيء فمن اراد المراجعة سيجد
الحوار في هذا الرابط - شبهات وردود -
واي اشكال آخر من احد الاخوة سنكون بخدمته ان شاء الله ..
لكن الكلام اليوم سيكون حول الحقوق ..
ونبدأ بالقــــــــــــوامــة ..
يقول الراغب الاصفهاني في معاني المفردات - القيام والقِوام اسم لما يقوم به الشيء
اي يثبت كالعماد والسناد لما يعمد ويسند كقوله " ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي
جعل الله لكم قياماً \ النساء 5 \ " اي جعلها مما يمسككم " الحي القيوم "
اي القائم الحافظ لكل شيء والمعطي له ما به القوامة ..
اما ابن منظور : فيذهب الى معنى آخر فيقول : وقد يجيء القيام بمعنى المحافظة
والاصلاح ومنه قوله " الرجال قوامون على النساء "
يقول في تاج العروس - وقيِّم المرأة زوجها في بعض اللغات لانه يقوم بامرها وما يحتاج اليه -
يذهب كثير من العماء ان القوامة هي الزعامة والرئاسة والزوج هو المطاع في كل شيء
بلا قيود .. الفهم العرفي يرى من القوامة هي الرئاسة .. لعدة اسباب من اهمها
استضعاف المرأة في الجتمع الذكوري والفهم القديم الذي كان سائداً في المجتمع
العربي الاسلامي ..
القــوامة في المفهـوم القرآنــي ..
دائماً نجد القوامة في القرآن الكريم " مشروطة ومقيدة وليست مطلقة بلا قيود او حدود "
يقول الله سبحانه ..
يـا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط .. النساء 135 ..
من خلال هذه الاية المباركة يتضح لنا مشروعية القوامة وهي - القسط او العدل -
اما اذا تحرك الرجل من موقع الدوافع النفسانية المريضة او الذاتية او نتيجة ضغط الهوى
فلا مشروعية لقوامته على زوجته وانما سيكون حينها متجبر ظالم لها سالب الحقوق ..
لان الشارع المقدس قيَّد قوامته - بالقســط .. العدل -
وفي موضع سابق يقول القرآن الكريم :
" الرجال قوامون على النساء "
بينما في هذا الموضع يقول " بالقســط " فالاية الاولى تتقيد بالاية الثانية التي ذكرت القسط
ولا يجوز ان تبقى الاية الاولى على اطلاقها ... فتلك قاعدة اصولية ... فتأمل ..
في آية كريمة ثانية يقول سبحانه :
" يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله "
فالقوامة هنا تنطلق من موقع القرب الى الله سبحانه والسير نحو الله وليس نتيجة
الاهواء والمزاج وحب التسلط وبسبب التعصب الاعمى ..
يقول القرآن الكريم :
" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف "
يقول العلماء ان في هذه الاية الكريمة ايضاً اصل ينطوي على جميع النصوص الشرعية
التي تقرر قسم من الحقوق لاحد الزوجين بدون مبرر .. - الاحكام الفقهية -
فهنا نقرأ اصل قرآني وهو - المســاواة - ولم يقرر القرآن الكريم ان للرجل
الزعامة والرئاسة بمعنى التسلط ويعمل بها ما يشاء ويظلم ويحيف متى ما يحب
وحسب اهوائه ومزاجه ..
يقول الله سبحانه :
" وعاشروهن بالمعروف "
وايضاً هنا نجد اصل قرآني لحماية الموازنة والاستقرار في الحياة الزوجية ..
وهو ايضاً من شروط القوامة - القسط - التقرب الى الله سبحانه - المساواة - المعروف -
ويقول الله سبحانه :
" بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم "
اما في هذه الاية الشريفة يذهب العلماء الى ان الله سبحانه يقرر هنا امرين
تتقوّم بهما القوامة ( الفضل والانفاق ) فالاية الشريفة هنا تبين لنا - علــّة - للقوامة
فالفضل والانفاق كلاهما يمثلان العلة وليس العلة تتمثل باحدهما دون الاخر
بل ان كل واحد منهما جزء من العلة فأذا كان لدى المرأة احد هذين الطرفين فانها ستكون
شريكة بالقوامة ايضاً ...
المجتمع اليوم بحاجة الى ان يتعرف على - الشراكة الزوجية -
وليس الدكتاتورية الزوجية ..
شكراً لكم جميعاً ..